بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الإخوة الكرام موضوع اليوم مُوَجَّهٌ إلى نصف المجتمع الآخر ؛ إلى المرأة ، فالذي يُعلّم امرأةً يعلّم أُسرةً ،
الأم مدرسةٌ إذا أعددْتها أعددْت شعبًا طيّب الأعراق
والمقولة : أنّه من علَّم شابًّا علَّم شخصاً واحدًا ، ولكن من علَّم فتاةً علّم أُسرةً ، هناك مخالفات كثيرة جدًّا يقع بها النساء المسلمات ، عن جهلٍ أو عن تقصير مِن قِبلهنّ ، أو من قبل أزواجهنّ ، وهذه المخالفات مبوّبة ومرتّبة بحسب فروع الدِّين الكبرى ، وهذا الذي سأتحدث عنه ، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرمّ به ، فما من بنْد إلا وعندي مئات بل بضع مئات من الشواهد على أنّ النّسوة اللواتي يسلكن هذا الطريق، يسْلكْنَ طريقًا مسدودًا ، فمثلاً نساءٌ مسلمات ، زوجات لِمسلمين يرتادون المساجد ، ويطلبون العلم ، قد يذهبن إلى السَّحرة والمشعوِذين والكهنة !! وكلّ هؤلاء يرتدون مسوح رجال الدّين ، و يدعّي أنّه شيخ يفكّ السِّحْر ، ويقرّب بينها وبين زوجها ، ويجلب السعادة لها، هناك من الدجاجلة والمشعْوذين ما لا سبيل إلى حصْره ، اكتُشفت امرأة تذهب إليها الفتاة تعِدُها بزوج مقابل ثلاث مئة ألف ، عندها مجموعة شبّان ترسل أحد هؤلاء الشبان فيخطبُ هذه الفتاة، فأوّلاً ترسله و يخطب ، فمعناه أن كلامها صحيح والمبلغ أخذتهُ وفْق وَعْدٍ صحيح ، ثمّ يختلق الشابّ مشكلةً وتُفسخ هذه الخطبة ، وتعود الأمور إلى مجاريها ، فلابدّ من الوعي ، آلاف المشعوذين والدجاجلة ، وكلّهم يرتدون مسوح رجال الدّين ، فالقرآن الكريم واضح ، قال تعالى:
[ سورة الفلق ]
فالله عز وجل أمرنا أن نستعيذ به ، قال تعالى :
[ سورة الأعراف ]
إذًا اذكر الله عز وجل فذكرهُ يُذهب عنّا الشيطان و شَرّه ، فالاستعاذة بالله وذِكْر الله عز وجل وسيلتان قرآنيّتان من عند خالق الكون ، وربّنا عز وجل وصف الشيطان بأنّه وسواس خنّاس ، لمُجرّد أن تستعيذ بالله عز وجل يخنُس وينتهي ، أما حينما يلجأ الناس ، ولا سيما النِّسْوة إلى دجاجلةٍ فهذا يعني التماس الخير و الفلاح عند غير الله ، والله هناك قصص يندى لها الجبين ، هناك حالات من الزنا تتِمّ في مثل هذه الأماكن ، وهذه الحالات ينْدى لها الجبين ، وأنا لا أتكلّم من فراغ ، ولكن من واقع ، فأحد الأشخاص الذين أثقُ بهم حدّثني عن قريبه ، يرتدي مسوح رجال الدِّين ، ويحلّ مشكلات الزوجات ، وهو لا يصلّي! ويرتكب الزنا بعشرات النساء من الجاهلات اللواتي يذهبْن إلى هذا الشيخ الكذاب ليفُكّ السِّحر عن ابنتها مثلاً فحين وقع خلاف بين البنت و بين زوجها ، فالحلّ أن تذهب أُمّها إلى ساحر ، أو إلى رجلٌ يدعي أنّه رجل دين!
نحن المسلمين ديننا دين علمٍ ، ودين أدلّة ، قال عليه الصلاة والسلام تركتكم على بيضاء نقيّة ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها إلا ضالّ ، يجبُ أن تعلموا علم اليقين أنّ النبي عليه الصلاة والسلام لا يؤخّر البيان عن وقته ، لو أنّ هناك طريقة لفكّ السِّحْر ، وللتأليف بين الزوجين غير هذه الآيات وتلك الأحاديث لذكرها النبي عليه الصلاة والسلام ، أما هذا الابتداع في حلّ مشكلات الناس الاجتماعيّة والأُسريّة البعيد عن الله عز وجل هو دَجَلٌ في دَجَل .
حدّثني أخٌ كريم ، قال لي : يعرف امرأة في سنّ متقدمة ، تستخدمُ أساليب الخداع والاحتيال من أجل حلّ مشكلات الزوجات ، وهذه المرأة ذكيّة جدًّا فتأخذ مبلغاً ضَخماً بِنِيّة التوفيق بينها وبين زوجها ، تأمرها أن تكون نظيفةً ، وأن تعتني بأولادها ، وأن تتزيَّن لزوجها ! فعلاً تُحَلّ المشكلة بهذا الشكل ، فبماذا أمرتها ؟ بما يحبّه الزوج ، أمرتها بأشياء أمر بها النبي عليه الصلاة والسلام ، لكنّها ابْتزَّتْ مالها وأوْهمتها أنّها عن طريق السّحر والجنّ ، تمكنت من تحقيق الوفاق بينها و بين زوجها ، و لو أنّ كلّ امرأة طبّقَت منهج رسول الله وطبّقت السنّة ، لأحبّها زوجها ، ولأحبّها ربّها ، ولألقى حبّها في قلب زوجها ، إذًا أوّل مشكلة تقع بها نساء المسلمين ، وزوجات المسلمين الذين يرتادون المساجد ، أن يذهبن إلى السّحرة والمشعوِذين والكهنة، أنا رأيتُ في بلادي العجب العجاب ، رأيتُ في معظم مساجدها أولياء مدفونين ، والناس يطوفون حولهم كأن قبر أحدهم مقام النبي عليه الصلاة والسلام : ويسألونهم الأولاد والرّزْق ، وهذا شركٌ بِعَينه ، لا يُسأل إلا الله عز وجل ، دقِّقوا أيّها الإخوة ، قال تعالى:
[ سورة الجن ]
والأبلغ من ذلك قوله تعالى :
[ سورة الأعراف ]
قال تعالى :
هذا كلام ربّنا ، فسيّد الخلق ، وحبيب الحقّ لا يعلم الغيب ، ولو أنّه كان يعلم الغيب لاستكثر من الخير ، لا يملك لأمته نفعًا ولا ضرًّا ، ولا يملك لنفسه نفعاً و لا ضراً فلأن لا يملك لغيره من باب أولى ، أحيانًا يأتيني أخ ويقول لي : أريد عملاً لابني ، أقول له : و أنا لم أجد عملاً لابني ، فما دمت أضعُفُ عن إيجاد العمل لابني فمن باب أولى أنني لا أستطيع أن أجده لابنك، فهذا منطق سليم .
و الآن هاكم الأدلّة ، يقول عليه الصلاة والسلام :
من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة
[ رواه أحمد]
عن أبي هريرة والحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم .
[ رواه مسلم]
فهذه أكبر مخالفة تقع بها الأخوات المسلمات في شأن حلّ مشكلاتهِنَّ الزوجيّة ، زوجها لا يحبّها ، لتقصيرها ، أو لأنها تُطيعه في معصية الله عز وجل ، والله عز وجل يقول :
[ سورة التحريم ]
لحكمةٍ بالغةٍ بالغة شاء لها الله أن تكون صدّيقة النّساء ، زوجة أكبر طاغيَةٍ كافر في الأرض ، الذي قال أنا ربّكم الأعلى ! وبكلّ جبروته وقوّته لم يستطع أن يحمِل زوجته على الإيمان به ، فالمرأة مستقلّة في دينها عن زوجها ، ولن يُعفيَها ربّها إذا قالَت كذا يريد زوجي ، لا ! لا طاعة لمخلوق في معصيَة الخالق ، هذا منهج الله عز وجل ، إذا لم يكن هناك وئام كانت هناك معصية بالبيت ، وأشياء لا ترضي الله عز وجل ، و إصرار على معصية ، وطبعًا من أرضى الناس بسخط الله سخط عليه الله وأسخط عليه الناس ، فالمرأة التي ترضي زوجها بسخط الله عز وجل يسخط عليها ربّنا جلّ جلاله ، ويُسخِّطُ عليها زوجها .
و الآن هذه مخالفة ثانية صارخة : عيبٌ ومخالفة خطيرة جدًّا حينما تحزن المرأة ، وتنوح، وتضرب وجهها ، وتشق جيبها ، روينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:
"لَيْسَ مِنّا مَنْ لَطَمَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعا بِدَعْوَى الجاهِلِيَّةِ" وفي رواية لمسلم "أوْ دَعا أوْ شَقّ .
[ متفق عليه ]
والله هناك نساء يخرجن وراء الجنازة بقميص النوم إلى الطريق ، يلطمْنَ وُجوههنّ نياحةً على أزواجهنّ ، هؤلاء النّسوة لا يعرفن الله أبدًا ، المؤمن الصادق يرضى بقضاء الله وقدره ، فأيّما امرأة ضربَت وجهها ، وشقَّتْ جيْبها ، وصرخَت بِوَيلها ، على أقرب الناس إليها ، فقد قامتْ بِعَمل جاهليّ لا يرضي الله عز وجل ، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لَيْسَ مِنّا مَنْ لَطَمَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعا بِدَعْوَى الجاهِلِيَّةِ" .
والله أعرف رجلاً ، له ابن أخذ دكتوراه في الطبّ، واختصّ في أمراض القلب ، ودخل كليّة الشريعة ، وصار في الصفّ الثالث ، وحفظ كتاب الله تعالى ، و أنهى خدمته الإلزاميّة ، وخطب فتاةً مؤمنةً ، وعُقِد العقد ثمّ توفّي بِحَادث ، ذهبتُ لِتَعزية والده ، والله رأيتُ من والده العجب العُجاب ، رأيت تماسكًا ورضًا بقضاء الله وقدره ، فهذا هو المؤمن ، هناك مصائب كبيرة جدًّا ، ومع ذلك فالمؤمن يقبلها من الله عز وجل .
ذات مرّةٍ أحد الإخوة الكرام ، وَلدَت زوجتهُ بطريقةٍ استثنائيّة ؛ سحب الولد من بطنها بوساطة آلة ، فهذه الآلة أثَّرَتْ في دماغ المولود، فصار يضطرب كلّ دقيقة اضطرابًا شديدًا ، فأوّل طبيب راجعوه قال : هذا الطّفل مصيره أنّه سيكون أعمى أو مشلولاً أو معتوهاً ، الطبيب الثاني قال الكلام نفسه ، وكذا الطبيب الثالث ، فدخل اليأسُ إلى نفس والده ، قلتُ له مرَّةً : هذا الإله العظيم الذي تحبّه ، و الذي تعبده ، و الذي وهبتهُ كلّ ما تملك : عندما تقرأ في صلاتك كل يوم مرات و مرات ، قال تعالى :
[ سورة الأنعام ]
هذا هو قراره ، فينبغي أن ترضى بقراره و تفوض أمر الطفل إليه ، وربّنا عز وجل بعد حين شفا هذا الابن وهو في آخر سنة في الجامعة ومتفوّق ، مع أنّ ثلاثة أطبّاء من كبار الاطباءأجمعوا على أنّ هذا الابن ينتهي إلى العمى أو الشلل أو العته ، فالذي عند الله غير الذي عند العبد ، يجبُ أن ترضى بقضاء الله وقدره ،
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لَيْسَ مِنّا مَنْ لَطَمَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعا بِدَعْوَى الجاهِلِيَّةِ" .
و إليكم الحديث الذي رواه الإمام مسلم ، فعن أبي مالك الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم:
النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جَرَب
[رَوَاهُ مُسْلِمٌ]
هذه الصارخةُ النائحةُ ، وهذه التي تشدّ شعرها ، وتلطم وجهها ، وتمزّق جيبها ، وتصرخ بِوَيلها ، هذه ليْسَت مؤمنةً بالله أبدًا .
يروي التاريخ عن صحابيّة جليلة مات طفلها ، وكان زوجها أثناء النهار يعمل في بستانه فلمّا رجع مساء سألها عن ابنها قالت : هو في أهدأ حال ، وهيَّأتْ له الطعام و تناول عشاءه ، وتزيَّنَتْ له وقضى حاجته منها ، وفي الصباح قالتْ له : لو أنّ الجيران أعارونا عارية ثمّ استردّوها أتغضَب ؟ قال : لا . فقالت : هكذا فعل ربّنا بطفلنا ؟ فذهب إلى النبي وأعلمه ، فقال : بارك الله لكما في ليلتكما ، ورُزق نتيجة هذه الليلة غلامًا أنجب عشرةً حفاظاً للقرآن الكريم .
هكذا المؤمن يرضى بقضاء الله وقدره ، هناك نساء يجزعن لِضُرّ نزلَ بهنّ فتدعو هذه المرأة على نفسها بالموت ، والنبي عليه الصلاة والسلام نهى عن ذلك ، فقد ثبت في الصحيح عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به فإن كان لا بد متمنيا فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي.
[ رواه مسلم]
هناك من يقول : آمين إذا قالت زوجته قصف الله عمري! فلا تدعوا على أنفسكم ولا على أولادكم ، هذا أيضاً من مخالفات النساء ، تجدها لو تعطَّلتْ الغسالة تدعو على نفسها بالموت !
ومن المخالفات في العقيدة ، طبعًا هذه ليْسَت في بلادنا ، وإنما في بلاد أخرى فكثير من الناس يعتمدون على الخادمة في تربية الأولاد ، وهذا خطرٌ كبير ، خادمةٌ ليْسَت مسلمة هي التي تربّي الأولاد ، تربّيهم على عقيدة فاسدة وعلى سُلوك فاسد وهنّ يترفَّعن عن تربية أولادهنّ ، هذه أيضًا مخالفة كبيرة ، لا شيء يعوّض الطفل عن أُمّه .
سوف أضرب مثلاً لا أدري مدى تقبّلكم له ، لو أنّ امرأة قامَت الليل، وصلَّت وتهجَّدَتْ ، وبكتْ في الصلاة ، وصلّتْ صلوات كثيرة ، إلى أن تعِبَتْ ، في الساعة السادسة نعست ، فأوَتْ إلى الفراش ، وأمرتْ أولادها بالذهاب إلى المدرسة ، أحد أولادها في ثيابه خلل ، والثاني وضع ( السندويشة ) بين كتبه فأفسدت كتبه ، والثالث حذاؤه يحتاج إلى تصليح، هؤلاء الثلاثة لما ذهبوا إلى المدرسة وُبّخوا ! لماذا؟ لأنّ الأم كانتْ نائمة ، من أجل صلاتها بالليل !! و لو أنّ أمّاً صلَّتْ الفجر في وقته وهيَّأتْ الطعام لأولادها ، وراقبتْ أحذيتهم وألبستهم ومحافظهم ، وأكلهم ، لو أنّها فعلتْ هكذا لكانت أقرب إلى الله من الأولى ، لأنّها عبدَت ربّها فيما أقامها ، أقامها أُمًّا ، وأوّل عبادةٍ لهذه الأمّ أن تُحسن رعاية زوجها وأولادها .
أيها الإخوة ، هذا التقصير في حقّ الزوج والأولاد تقصيرٌ خطير لأنّ هويّة هذه المرأة أمٌّ وزوجةٌ ، فإذا قصَّرتْ فيما أقامها الله به فقد وقعتْ في مخالفة كبيرة .
وأكثر النساء تهتمّ إحداهن بكتابة وظائف أولادها ، ولا تهتمّ بأداء صلواتهم ، يهمّها الوظائف فتحثهم عليها ، و ما شأن الصلوات ؟ سيّدنا عمر رضي الله عنه حينما طُعِن وغاب عن الوعي ثمّ أفاق ماذا قال ؟ قال : هل صلّى المسلمون الفجر ؟ إذاً الدين أولاً . يدخل الأب إلى البيت مساءً ، يسأل زوجته هل تناول الأولاد الطعام ؟ هل كتبوا الوظائف ؟ ولا يسألها إطلاقًا عن صلاتهم ؟ فهو لا يسأل عن الصلاة ، ولكن عن كتابة الوظائف وتناول الطعام ، فلذلك عدم العناية بالأولاد والزوج ، وإهمال عبادات الأولاد انحرافٌ خطير في تربية الأمّ لأولادها.
وتأخير الصلوات عن وقتها هو مما تقع به معظم النساء المسلمات .
و هذا أمر خطير حقاً . طبعًا فيما يتعلّق باللّباس ، فكلّكم يعلم أنّ الثوب المحرّم هو الذي يشفّ ويصف أعضاء الجسد و لون البشرة ، أو يصف حجم العورة ، فأيّ ثوبٍ يكشف أو يحجّم فهذا ثوبٌ محرَّمٌ أن ترتديه المرأة إلا لزوجها ، لأننا نحن نتوهّم أنّ الأخ يجوز ، ولكن الشرع يمنع حتى الأخ أن يرى أخته في ثيابٍ متبذّلة ، فثياب الخدمة المنزلية لما تحت الركبة، و أن يستر الصدر ، وإلى المرفقين ، فهذا مما يمكن أن يرى الأخ أخته به ، أما أكثر من ذلك فلا يحقّ للأخ أن يرى صدرها أو ذراعها بأكمله ، أو ما فوق ركبتها ، فهذا كلّه محرّم ، ولو أنّه أخوها ، فنحن نهمل تنبيه المحارم لآداب الإسلام ، لك أن تنظر إليهنّ ؛ أمّك وأختك وابنتك ، ولكن لا ينبغي أن ترى منهنّ ما يقلّ عن ثياب الخدمة ، وثياب الخدمة معروفة ؛ الصّدر مستور، والثياب لما تحت الركبة ، والكم إلى المرفق ، أما أكثر من ذلك فهذا من حقّ الزوج وحده ، لا من حقّ الأب والأخ .
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلّم الشرب في آنية الذّهب والفضّة والأكل في صحافهما فإنّهما للكفرة في الدنيا ، ولكم في الآخرة إن شاء الله ، العلماء أجازوا الآنية المفضَّضة أي المطليّة بالفضّة ، أما إن كانت من الفضّة الخالصة فهناك تحريم ؛ لأنّ الفضة والذّهب عملةٌ ونقدٌ ، فإذا استخدما في الصّناعة فعطلنا هذين المعدنين عن مهمتهما ، قال لي مرّة شخصٌ : هناك حنفيّة من الذّهب الخالص في بيت أحد المسلمين يساوي ثمنها ثمن بيت ، فإذا الواحد عنده ست حنفيّات ، فإنّ هذا ما يعادل ستّة بيوت ! لو أسكنتَ شابًّا و عروسه في بيت ، واستخدمتَ حنفيّة بيضاء عاديّة كان أولى و أجرك عند الله كبير ، فاستخدام آنية الذهب والفضّة منهيّ عنه أيضًا فاحذر .
إنّ هذا الموضوع مهمّ جدًّا و لعل الله ينفع به المسلمين و المسلمات و يسدد به العمل إلى الصواب ، و إن شاء الله نتابع الحديث عنه في درسٍ قادم .
والحمد لله رب العالمين
أيها الإخوة الكرام موضوع اليوم مُوَجَّهٌ إلى نصف المجتمع الآخر ؛ إلى المرأة ، فالذي يُعلّم امرأةً يعلّم أُسرةً ،
الأم مدرسةٌ إذا أعددْتها أعددْت شعبًا طيّب الأعراق
والمقولة : أنّه من علَّم شابًّا علَّم شخصاً واحدًا ، ولكن من علَّم فتاةً علّم أُسرةً ، هناك مخالفات كثيرة جدًّا يقع بها النساء المسلمات ، عن جهلٍ أو عن تقصير مِن قِبلهنّ ، أو من قبل أزواجهنّ ، وهذه المخالفات مبوّبة ومرتّبة بحسب فروع الدِّين الكبرى ، وهذا الذي سأتحدث عنه ، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرمّ به ، فما من بنْد إلا وعندي مئات بل بضع مئات من الشواهد على أنّ النّسوة اللواتي يسلكن هذا الطريق، يسْلكْنَ طريقًا مسدودًا ، فمثلاً نساءٌ مسلمات ، زوجات لِمسلمين يرتادون المساجد ، ويطلبون العلم ، قد يذهبن إلى السَّحرة والمشعوِذين والكهنة !! وكلّ هؤلاء يرتدون مسوح رجال الدّين ، و يدعّي أنّه شيخ يفكّ السِّحْر ، ويقرّب بينها وبين زوجها ، ويجلب السعادة لها، هناك من الدجاجلة والمشعْوذين ما لا سبيل إلى حصْره ، اكتُشفت امرأة تذهب إليها الفتاة تعِدُها بزوج مقابل ثلاث مئة ألف ، عندها مجموعة شبّان ترسل أحد هؤلاء الشبان فيخطبُ هذه الفتاة، فأوّلاً ترسله و يخطب ، فمعناه أن كلامها صحيح والمبلغ أخذتهُ وفْق وَعْدٍ صحيح ، ثمّ يختلق الشابّ مشكلةً وتُفسخ هذه الخطبة ، وتعود الأمور إلى مجاريها ، فلابدّ من الوعي ، آلاف المشعوذين والدجاجلة ، وكلّهم يرتدون مسوح رجال الدّين ، فالقرآن الكريم واضح ، قال تعالى:
[ سورة الفلق ]
فالله عز وجل أمرنا أن نستعيذ به ، قال تعالى :
[ سورة الأعراف ]
إذًا اذكر الله عز وجل فذكرهُ يُذهب عنّا الشيطان و شَرّه ، فالاستعاذة بالله وذِكْر الله عز وجل وسيلتان قرآنيّتان من عند خالق الكون ، وربّنا عز وجل وصف الشيطان بأنّه وسواس خنّاس ، لمُجرّد أن تستعيذ بالله عز وجل يخنُس وينتهي ، أما حينما يلجأ الناس ، ولا سيما النِّسْوة إلى دجاجلةٍ فهذا يعني التماس الخير و الفلاح عند غير الله ، والله هناك قصص يندى لها الجبين ، هناك حالات من الزنا تتِمّ في مثل هذه الأماكن ، وهذه الحالات ينْدى لها الجبين ، وأنا لا أتكلّم من فراغ ، ولكن من واقع ، فأحد الأشخاص الذين أثقُ بهم حدّثني عن قريبه ، يرتدي مسوح رجال الدِّين ، ويحلّ مشكلات الزوجات ، وهو لا يصلّي! ويرتكب الزنا بعشرات النساء من الجاهلات اللواتي يذهبْن إلى هذا الشيخ الكذاب ليفُكّ السِّحر عن ابنتها مثلاً فحين وقع خلاف بين البنت و بين زوجها ، فالحلّ أن تذهب أُمّها إلى ساحر ، أو إلى رجلٌ يدعي أنّه رجل دين!
نحن المسلمين ديننا دين علمٍ ، ودين أدلّة ، قال عليه الصلاة والسلام تركتكم على بيضاء نقيّة ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها إلا ضالّ ، يجبُ أن تعلموا علم اليقين أنّ النبي عليه الصلاة والسلام لا يؤخّر البيان عن وقته ، لو أنّ هناك طريقة لفكّ السِّحْر ، وللتأليف بين الزوجين غير هذه الآيات وتلك الأحاديث لذكرها النبي عليه الصلاة والسلام ، أما هذا الابتداع في حلّ مشكلات الناس الاجتماعيّة والأُسريّة البعيد عن الله عز وجل هو دَجَلٌ في دَجَل .
حدّثني أخٌ كريم ، قال لي : يعرف امرأة في سنّ متقدمة ، تستخدمُ أساليب الخداع والاحتيال من أجل حلّ مشكلات الزوجات ، وهذه المرأة ذكيّة جدًّا فتأخذ مبلغاً ضَخماً بِنِيّة التوفيق بينها وبين زوجها ، تأمرها أن تكون نظيفةً ، وأن تعتني بأولادها ، وأن تتزيَّن لزوجها ! فعلاً تُحَلّ المشكلة بهذا الشكل ، فبماذا أمرتها ؟ بما يحبّه الزوج ، أمرتها بأشياء أمر بها النبي عليه الصلاة والسلام ، لكنّها ابْتزَّتْ مالها وأوْهمتها أنّها عن طريق السّحر والجنّ ، تمكنت من تحقيق الوفاق بينها و بين زوجها ، و لو أنّ كلّ امرأة طبّقَت منهج رسول الله وطبّقت السنّة ، لأحبّها زوجها ، ولأحبّها ربّها ، ولألقى حبّها في قلب زوجها ، إذًا أوّل مشكلة تقع بها نساء المسلمين ، وزوجات المسلمين الذين يرتادون المساجد ، أن يذهبن إلى السّحرة والمشعوِذين والكهنة، أنا رأيتُ في بلادي العجب العجاب ، رأيتُ في معظم مساجدها أولياء مدفونين ، والناس يطوفون حولهم كأن قبر أحدهم مقام النبي عليه الصلاة والسلام : ويسألونهم الأولاد والرّزْق ، وهذا شركٌ بِعَينه ، لا يُسأل إلا الله عز وجل ، دقِّقوا أيّها الإخوة ، قال تعالى:
[ سورة الجن ]
والأبلغ من ذلك قوله تعالى :
[ سورة الأعراف ]
قال تعالى :
هذا كلام ربّنا ، فسيّد الخلق ، وحبيب الحقّ لا يعلم الغيب ، ولو أنّه كان يعلم الغيب لاستكثر من الخير ، لا يملك لأمته نفعًا ولا ضرًّا ، ولا يملك لنفسه نفعاً و لا ضراً فلأن لا يملك لغيره من باب أولى ، أحيانًا يأتيني أخ ويقول لي : أريد عملاً لابني ، أقول له : و أنا لم أجد عملاً لابني ، فما دمت أضعُفُ عن إيجاد العمل لابني فمن باب أولى أنني لا أستطيع أن أجده لابنك، فهذا منطق سليم .
و الآن هاكم الأدلّة ، يقول عليه الصلاة والسلام :
من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة
[ رواه أحمد]
عن أبي هريرة والحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم .
[ رواه مسلم]
فهذه أكبر مخالفة تقع بها الأخوات المسلمات في شأن حلّ مشكلاتهِنَّ الزوجيّة ، زوجها لا يحبّها ، لتقصيرها ، أو لأنها تُطيعه في معصية الله عز وجل ، والله عز وجل يقول :
[ سورة التحريم ]
لحكمةٍ بالغةٍ بالغة شاء لها الله أن تكون صدّيقة النّساء ، زوجة أكبر طاغيَةٍ كافر في الأرض ، الذي قال أنا ربّكم الأعلى ! وبكلّ جبروته وقوّته لم يستطع أن يحمِل زوجته على الإيمان به ، فالمرأة مستقلّة في دينها عن زوجها ، ولن يُعفيَها ربّها إذا قالَت كذا يريد زوجي ، لا ! لا طاعة لمخلوق في معصيَة الخالق ، هذا منهج الله عز وجل ، إذا لم يكن هناك وئام كانت هناك معصية بالبيت ، وأشياء لا ترضي الله عز وجل ، و إصرار على معصية ، وطبعًا من أرضى الناس بسخط الله سخط عليه الله وأسخط عليه الناس ، فالمرأة التي ترضي زوجها بسخط الله عز وجل يسخط عليها ربّنا جلّ جلاله ، ويُسخِّطُ عليها زوجها .
و الآن هذه مخالفة ثانية صارخة : عيبٌ ومخالفة خطيرة جدًّا حينما تحزن المرأة ، وتنوح، وتضرب وجهها ، وتشق جيبها ، روينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:
"لَيْسَ مِنّا مَنْ لَطَمَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعا بِدَعْوَى الجاهِلِيَّةِ" وفي رواية لمسلم "أوْ دَعا أوْ شَقّ .
[ متفق عليه ]
والله هناك نساء يخرجن وراء الجنازة بقميص النوم إلى الطريق ، يلطمْنَ وُجوههنّ نياحةً على أزواجهنّ ، هؤلاء النّسوة لا يعرفن الله أبدًا ، المؤمن الصادق يرضى بقضاء الله وقدره ، فأيّما امرأة ضربَت وجهها ، وشقَّتْ جيْبها ، وصرخَت بِوَيلها ، على أقرب الناس إليها ، فقد قامتْ بِعَمل جاهليّ لا يرضي الله عز وجل ، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لَيْسَ مِنّا مَنْ لَطَمَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعا بِدَعْوَى الجاهِلِيَّةِ" .
والله أعرف رجلاً ، له ابن أخذ دكتوراه في الطبّ، واختصّ في أمراض القلب ، ودخل كليّة الشريعة ، وصار في الصفّ الثالث ، وحفظ كتاب الله تعالى ، و أنهى خدمته الإلزاميّة ، وخطب فتاةً مؤمنةً ، وعُقِد العقد ثمّ توفّي بِحَادث ، ذهبتُ لِتَعزية والده ، والله رأيتُ من والده العجب العُجاب ، رأيت تماسكًا ورضًا بقضاء الله وقدره ، فهذا هو المؤمن ، هناك مصائب كبيرة جدًّا ، ومع ذلك فالمؤمن يقبلها من الله عز وجل .
ذات مرّةٍ أحد الإخوة الكرام ، وَلدَت زوجتهُ بطريقةٍ استثنائيّة ؛ سحب الولد من بطنها بوساطة آلة ، فهذه الآلة أثَّرَتْ في دماغ المولود، فصار يضطرب كلّ دقيقة اضطرابًا شديدًا ، فأوّل طبيب راجعوه قال : هذا الطّفل مصيره أنّه سيكون أعمى أو مشلولاً أو معتوهاً ، الطبيب الثاني قال الكلام نفسه ، وكذا الطبيب الثالث ، فدخل اليأسُ إلى نفس والده ، قلتُ له مرَّةً : هذا الإله العظيم الذي تحبّه ، و الذي تعبده ، و الذي وهبتهُ كلّ ما تملك : عندما تقرأ في صلاتك كل يوم مرات و مرات ، قال تعالى :
[ سورة الأنعام ]
هذا هو قراره ، فينبغي أن ترضى بقراره و تفوض أمر الطفل إليه ، وربّنا عز وجل بعد حين شفا هذا الابن وهو في آخر سنة في الجامعة ومتفوّق ، مع أنّ ثلاثة أطبّاء من كبار الاطباءأجمعوا على أنّ هذا الابن ينتهي إلى العمى أو الشلل أو العته ، فالذي عند الله غير الذي عند العبد ، يجبُ أن ترضى بقضاء الله وقدره ،
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لَيْسَ مِنّا مَنْ لَطَمَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعا بِدَعْوَى الجاهِلِيَّةِ" .
و إليكم الحديث الذي رواه الإمام مسلم ، فعن أبي مالك الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم:
النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جَرَب
[رَوَاهُ مُسْلِمٌ]
هذه الصارخةُ النائحةُ ، وهذه التي تشدّ شعرها ، وتلطم وجهها ، وتمزّق جيبها ، وتصرخ بِوَيلها ، هذه ليْسَت مؤمنةً بالله أبدًا .
يروي التاريخ عن صحابيّة جليلة مات طفلها ، وكان زوجها أثناء النهار يعمل في بستانه فلمّا رجع مساء سألها عن ابنها قالت : هو في أهدأ حال ، وهيَّأتْ له الطعام و تناول عشاءه ، وتزيَّنَتْ له وقضى حاجته منها ، وفي الصباح قالتْ له : لو أنّ الجيران أعارونا عارية ثمّ استردّوها أتغضَب ؟ قال : لا . فقالت : هكذا فعل ربّنا بطفلنا ؟ فذهب إلى النبي وأعلمه ، فقال : بارك الله لكما في ليلتكما ، ورُزق نتيجة هذه الليلة غلامًا أنجب عشرةً حفاظاً للقرآن الكريم .
هكذا المؤمن يرضى بقضاء الله وقدره ، هناك نساء يجزعن لِضُرّ نزلَ بهنّ فتدعو هذه المرأة على نفسها بالموت ، والنبي عليه الصلاة والسلام نهى عن ذلك ، فقد ثبت في الصحيح عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به فإن كان لا بد متمنيا فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي.
[ رواه مسلم]
هناك من يقول : آمين إذا قالت زوجته قصف الله عمري! فلا تدعوا على أنفسكم ولا على أولادكم ، هذا أيضاً من مخالفات النساء ، تجدها لو تعطَّلتْ الغسالة تدعو على نفسها بالموت !
ومن المخالفات في العقيدة ، طبعًا هذه ليْسَت في بلادنا ، وإنما في بلاد أخرى فكثير من الناس يعتمدون على الخادمة في تربية الأولاد ، وهذا خطرٌ كبير ، خادمةٌ ليْسَت مسلمة هي التي تربّي الأولاد ، تربّيهم على عقيدة فاسدة وعلى سُلوك فاسد وهنّ يترفَّعن عن تربية أولادهنّ ، هذه أيضًا مخالفة كبيرة ، لا شيء يعوّض الطفل عن أُمّه .
سوف أضرب مثلاً لا أدري مدى تقبّلكم له ، لو أنّ امرأة قامَت الليل، وصلَّت وتهجَّدَتْ ، وبكتْ في الصلاة ، وصلّتْ صلوات كثيرة ، إلى أن تعِبَتْ ، في الساعة السادسة نعست ، فأوَتْ إلى الفراش ، وأمرتْ أولادها بالذهاب إلى المدرسة ، أحد أولادها في ثيابه خلل ، والثاني وضع ( السندويشة ) بين كتبه فأفسدت كتبه ، والثالث حذاؤه يحتاج إلى تصليح، هؤلاء الثلاثة لما ذهبوا إلى المدرسة وُبّخوا ! لماذا؟ لأنّ الأم كانتْ نائمة ، من أجل صلاتها بالليل !! و لو أنّ أمّاً صلَّتْ الفجر في وقته وهيَّأتْ الطعام لأولادها ، وراقبتْ أحذيتهم وألبستهم ومحافظهم ، وأكلهم ، لو أنّها فعلتْ هكذا لكانت أقرب إلى الله من الأولى ، لأنّها عبدَت ربّها فيما أقامها ، أقامها أُمًّا ، وأوّل عبادةٍ لهذه الأمّ أن تُحسن رعاية زوجها وأولادها .
أيها الإخوة ، هذا التقصير في حقّ الزوج والأولاد تقصيرٌ خطير لأنّ هويّة هذه المرأة أمٌّ وزوجةٌ ، فإذا قصَّرتْ فيما أقامها الله به فقد وقعتْ في مخالفة كبيرة .
وأكثر النساء تهتمّ إحداهن بكتابة وظائف أولادها ، ولا تهتمّ بأداء صلواتهم ، يهمّها الوظائف فتحثهم عليها ، و ما شأن الصلوات ؟ سيّدنا عمر رضي الله عنه حينما طُعِن وغاب عن الوعي ثمّ أفاق ماذا قال ؟ قال : هل صلّى المسلمون الفجر ؟ إذاً الدين أولاً . يدخل الأب إلى البيت مساءً ، يسأل زوجته هل تناول الأولاد الطعام ؟ هل كتبوا الوظائف ؟ ولا يسألها إطلاقًا عن صلاتهم ؟ فهو لا يسأل عن الصلاة ، ولكن عن كتابة الوظائف وتناول الطعام ، فلذلك عدم العناية بالأولاد والزوج ، وإهمال عبادات الأولاد انحرافٌ خطير في تربية الأمّ لأولادها.
وتأخير الصلوات عن وقتها هو مما تقع به معظم النساء المسلمات .
و هذا أمر خطير حقاً . طبعًا فيما يتعلّق باللّباس ، فكلّكم يعلم أنّ الثوب المحرّم هو الذي يشفّ ويصف أعضاء الجسد و لون البشرة ، أو يصف حجم العورة ، فأيّ ثوبٍ يكشف أو يحجّم فهذا ثوبٌ محرَّمٌ أن ترتديه المرأة إلا لزوجها ، لأننا نحن نتوهّم أنّ الأخ يجوز ، ولكن الشرع يمنع حتى الأخ أن يرى أخته في ثيابٍ متبذّلة ، فثياب الخدمة المنزلية لما تحت الركبة، و أن يستر الصدر ، وإلى المرفقين ، فهذا مما يمكن أن يرى الأخ أخته به ، أما أكثر من ذلك فلا يحقّ للأخ أن يرى صدرها أو ذراعها بأكمله ، أو ما فوق ركبتها ، فهذا كلّه محرّم ، ولو أنّه أخوها ، فنحن نهمل تنبيه المحارم لآداب الإسلام ، لك أن تنظر إليهنّ ؛ أمّك وأختك وابنتك ، ولكن لا ينبغي أن ترى منهنّ ما يقلّ عن ثياب الخدمة ، وثياب الخدمة معروفة ؛ الصّدر مستور، والثياب لما تحت الركبة ، والكم إلى المرفق ، أما أكثر من ذلك فهذا من حقّ الزوج وحده ، لا من حقّ الأب والأخ .
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلّم الشرب في آنية الذّهب والفضّة والأكل في صحافهما فإنّهما للكفرة في الدنيا ، ولكم في الآخرة إن شاء الله ، العلماء أجازوا الآنية المفضَّضة أي المطليّة بالفضّة ، أما إن كانت من الفضّة الخالصة فهناك تحريم ؛ لأنّ الفضة والذّهب عملةٌ ونقدٌ ، فإذا استخدما في الصّناعة فعطلنا هذين المعدنين عن مهمتهما ، قال لي مرّة شخصٌ : هناك حنفيّة من الذّهب الخالص في بيت أحد المسلمين يساوي ثمنها ثمن بيت ، فإذا الواحد عنده ست حنفيّات ، فإنّ هذا ما يعادل ستّة بيوت ! لو أسكنتَ شابًّا و عروسه في بيت ، واستخدمتَ حنفيّة بيضاء عاديّة كان أولى و أجرك عند الله كبير ، فاستخدام آنية الذهب والفضّة منهيّ عنه أيضًا فاحذر .
إنّ هذا الموضوع مهمّ جدًّا و لعل الله ينفع به المسلمين و المسلمات و يسدد به العمل إلى الصواب ، و إن شاء الله نتابع الحديث عنه في درسٍ قادم .
والحمد لله رب العالمين