الآن دخلنا في موضوع ( الحكيم ) ، أنت تعمل في تمديد الكهرباء ، مفتاح الغرفة ، عندك بدائل ممكن أن يكون مع الأرض ، يمكن أن يكون في أعلى الحائط ، يمكن أن يكون بعد مترين ، أو بعد أربعة أمتار إذا كان كهذا المسجد ، أو بعد نصف متر ، يوجد خيارات ، فأنت اخترت مترًا و نصفًا ، لأن لك عقل ، و أمام خيارات ، فاخترت شيئاً ، الإنسان مكلف فيما خُيّر ، و جانبه المادي مسير ، و جانبه النباتي مسير ، و جانبه الحيواني مسير ، يوجد قوانين دقيقة جداً تحكم هذا الجسم ، لكن منحه عقلاً العقل ، فيختار بين البدائل ، يكون الإنسان حكيماً إذا اختار الشيء المناسب في الوقت المناسب ، بالقدر المناسب ، في الظرف المناسب .
الإله العظيم قد يكون الإنسان أمام عدة خيارات ، لكن الإله العظيم أي مليار مليار مليار خيار يملكها الله تختار أكمل شيء ، الآن دخلنا في موضوع ( الحكيم ) ، كل شيء وقع أراده الله ، كل شيء أراده الله وقع ، إرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة ، و الحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق ، وليس في الإمكان أبدع مما كان ، خلق الإنسان كامل ، خلق الحيوان كامل ، خلق النبات كامل ، خلق الجماد كامل ، خصائص المعادن ، خصائص النباتات ، خصائص الحيوانات ، كل شيء كامل ، فربنا عز وجل حكيم ، بمعنى اختار من ملايين البدائل أكمل شيء.
خَلْق الإنسان كامل ، خلق أيّ حيوان كامل ، خلق أيّ نبات كامل ، خلق الجماد كامل ،
فمعنى ( الحكيم )
( الحكيم ) هو المُحكم ، كالأليم أي مؤلم ، وزن فعيل بمعنى مُفعل ، فأول معنى من معاني الحكيم أنه مُحكم ، أي صنعته متقنة ، متقنة لدرجة تفوق حد الخيال ، والله لو أتيح لكم أن تروا عجائب خلق الإنسان من الداخل كان الشيء الذي لا يصدق ، الأوعية و الشرايين ، و الأعصاب و العظام ، و العضلات و الغدد الصماء ، والغدة النخامية ملكة الغدد ، جميع الغدد الصماء تأتمر بأمرها ، وزنها نصف غرام ، الغدة النخامية ، تفرز تسعة هرمونات ، أحد هذه الهرمونات هرمون النمو ، يوجد أرقام من الحموض الأمينية لا تصدق ، و ذرات الكون بأكمله لا يمكن أن ينتج منها ذرة حمض أميني صدفة من شدة التعقيد .
إذاً معنى حكيم أي مُحكم ، أي متقن :
[ سورة النمل : الآية 88]
[ سورة التين : الآية 4]
إنسان يكون مستلقيًا يستيقظ فجأة ، تتم عمليات بالغة التعقيد في جسمه ، لو أنه وقف فجأة الدم ينبغي أن يتجه نحو الأسفل بفعل الجاذبية ، تقوم دسامات ، و تبقي الدم في الرأس ، إنسان في الستين أو السبعين أحياناً يقف فجأة فيقع ، يكون هناك نقص تروية بالدماغ ، لأنه يوجد شوا رد فتضعف ، و الله لو بالإمكان أن أشرح دقائق في خلق الإنسان لرأيتم العجب ، لكن و الله لا المكان يسمح ، و لا الوقت يسمح ، و لا طبيعة الإلقاء الشفهي يسمح ، أما إنه شيء لا يصدق ، فالله عز وجل حكيم أي مُحكم ،
وحكيم أي يتنزه عما لا ينبغي ، كل شيء وقع وقع بحكمة ، كل شيء وقع لو لم يقع لكان الله ملوماً ، و كل شيء وقع لو لم يقع لكان عدم وقوعه نقصاً في حكمة الله .
هذه الفكرة تملأ النفس رضا ، يوجد بالحياة شرور ، لكل واقع حكمة ، دققوا في هذا الكلام ، هذا الكلام قد يفسر كل ما يجري في العالم ، شيء وقع حكمة ، و قد يكون المُوقع مجرماً ، لكن لأنه وقع ففيه حكمة نعرفها أو لا نعرفها ، الأحداث الكبرى أحداث أيلول ، الاجتياحات ، الحروب ، لا يليق بمقام الألوهية أن يقع في ملك الله ما لا يريد ، المجرم يوقع الشر ، لكنه شر موظف للخير :
[ سورة الأنفال : الآية 59]
معنى سبقوا أنهم فعلوا شيئاً ما أراده الله ، أو أنهم تفلتوا من قبضة الله ، إذاً خطة الله تستوعب خطط الأقوياء ، القوي يفكر ، و يخطط ، و يتخذ قراراً ، و يجمح ، و يجمع ، و يطرح ، و يقسم ، و يضرب ، و كل ما يفعله ضمن خطة الله :
[ سورة الأنفال : الآية 17]
[ سورة الفتح : الآية 10]
[ سورة الزخرف : الآية 84]
أي هذه الفكرة مع الأحداث المؤلمة ، و مع الضغط على المسلمين يجب أن تعلم أن الذي وقع سمح الله به ، لحكمة نعرفها أو لا نعرفها ، أو عرفها من عرفها ، و جهلها من جهلها ، و الأيام في المستقبل تكشف حكمة الله لما جرى ، ويجب أن تقول في النهاية : الحمد لله رب العالمين .
هذه حقيقة دقيقة جداً ، أعيدها ثانية : كل شيء وقع أراده الله ، و كل شيء أراده الله وقع ، وإرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة ، و الحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق ، فالذي يبدو لك شراً هو شر نسبي ، بالنسبة لك ، أما بالنسبة لمستقبلك فليس شراً .
مثلاً : يوجد قريبة ، والقصة من أربعين سنة ، قريبة قدمت طلباً كي تكون معلمة ، فطولبت بفحص لصدرها ، فذهبت إلى مستشفى ، و تم فحصها ، و النتيجة أنها مصابة بمرض السل ، وعلمت الخبر المؤلم ، و بكت ، و بكت دماً ، و خاف أهلها منها ، أعطوها أدوات خاصة ، وابتعدوا عنها خوف العدوى ، وهذا البكاء الشديد ، وهذا الألم الذي لا يحتمل حملها على التوبة إلى الله ، وعلى أن تتحجب ، وعلى أن تقرأ القرآن ، وعلى أن ترضي الله عز وجل ، ث
م ذهب أخوها إلى المستشفى ، فإذا بالنتيجة ليست لها ، لغيرها ، لكنها تابت ، فلذلك أيها الإخوة الكرام ، قضية أن تؤمن أن كل شيء وقع أراده الله هذه قضية أساسية في الإيمان ، يلغى الحقد ، يلغى الندم ، يلغى اليأس ، يلغى الخنوع ، يجب أن تعلم أن هذا الإله العظيم الذي أمرك أن تعبده الأمر كله بيده :
[ سورة الزمر : الآية 62]
هذه المقولة مرة ثالثة احفظها ، و لن يتألم مؤمن إذا فهمها : كل شيء وقع أراده الله ، و كل شيء أراده الله وقع ، و إرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة ، و الحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق :
[ سورة آل عمران : الآية 26]
ما قال : بيدك الخير و الشر ، بيدك الخير المطلق ، إنك على كل شيء قدير ،
أما المؤمن ما علاقته بهذا الاسم ؟ ينبغي أن يتقيد بتعليمات الحكيم ، إذا تقيد بتعليمات الحكيم كان حكيماً ، وإذا ألقاها وراء ظهره كان أحمق ، و الإنسان إذا أعرض عن ربه عدو نفسه ، وما من مصيبة على وجه الأرض من آدم إلى يوم القيامة إلا بسبب خروج عن تعليمات الحكيم ، والخروج عن تعليمات الحكيم سببه الجهل ، و الجهل أعدى أعداء الإنسان ، لا تعتقد أن أوامر الدين قيد لحريتك ، اعتقدها ضماناً لسلامتك ، اعتقدها من عند الصانع ، من عند الخبير ، من عند الحكيم ، و الإسلام دين الفطرة ، و دن التوازن ، و دين الوسطية ، و ليس فيه حرمان ، و ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا جعل لها قناة نظيفة تسري خلالها .
يوجد تعليق آخر ، المؤمن بتطبيق تعليمات الحكيم يكون حكيماً ، و باتصاله بالحكيم يكون حكيماً بفطرته ، يوجد حكمة تأتي من تطبيق منهج مكتوب ، و يوجد حكمة تأتي من إدراك نفسي ، إن كان اتصالك بالله قوياً فأنت حكيم ، و قد استقيت الحكمة من الاتصال بالله :
[ سورة آل عمران : الآية 159]
وأي اتصال بالله يورث الحكمة ، أو إذا طبقت تعليمات الحكيم تطبيقاً دقيقاً فأنت حكيم :
[ سورة الأعراف : الآية 180]
فَادْعُوهُ بِهَا ، بمعنى أنك تشتق منه كمالاً تجعله وسيلة إلى الإقبال على الله عز وجل .
و الحمد لله رب العالمين