الأهداف التربوية
لمحة تاريخية عن تطور حركة الأهداف التربوية:
إن الأهداف التربوية كانت دائما موجودة عبر العصور، لارتباطها بالعمل التربوي ولو في أبسط صوره البدائية كتنشئة الآباء للأبناء من أجل إعدادهم للحياة وما تتطلبه من خصائص مهارية في شتى مجالات البيئة ومعطياتها في كل زمن. ولعل نظرة بسيطة لتطور النظريات التربوية والفكر التربوي عموما كافية لملاحظة تطور وتنوع أهداف التربية، فنظرة الفلاسفة اليونان مثلا لملامح شخصية الرجل المراد تكوينه، محاربا كان، أو فيلسوفا حكيما، وهدف التربية المسيحية لتكوين الراهب المتعبد، وغيرها من الأفكار التربوية. كل ذلك لم يكن وليد زمن محدد بل يمتد امتداد تاريخ الإنسان. غير أن الدراسة العلمية للأهداف، ظهرت في وقت متأخر نسبيا. وخضعت لتطور كان نتيجة تراكم دراسات ومحاولات عديدة، قام بها علماء كثيرون.
لقد تميزت الأهداف التربوية بصفة عامة قبل الحرب العالمية الأولى بالعمومية والتجريد، إلى أن ظهرت الاتجاهات الأولى في التفكير لما يجري داخل القسم مع أعمال بوبيت سنة 1918، الذي اهتم بوضع منهج أكثر توافقا مع الوقت وكيفية استخدام الطرق الجديدة، وهو يقول بخصوص الأهداف:
"طالما أن الأهداف لا تخرج أن تكون تخمينات غامضة، فيجب أن نتوقع أن تكون الطرق والوسائل غامضة أيضا، ولكن عصر الرضا الكامل بالعمليات غير المحددة يمر بسرعة وعصر العلم يطلب الدقة والتحديد".
وكان الهدف عنده هو رسم منهج مدرسي، ثم رأى أنه من الضروري تحديد الأهداف لكل منهج تحديدا أدائيا واضحا.
وتعتبر أعملا رالف تايلور(1929) أول خطوة هامة في حركة الأهداف التربوية وتصنيفها، فقد وضحها في عبارات سلوكية. وتأثر الكثير من المفكرين بهذه الأفكار التربوية، واعتبروا الأهداف أساسا لكل منهج مدرسي أثناء بنائه والتخطيط لتنفيذه. وهذا يعني أنه أثناء التخطيط للتدريس ينبغي تحديد الأهداف أولا، ثم وضع المادة التعليمية، فوضع الخطة، فتحديد الوسائل، فالتنفيذ، ثم التقويم. ولعل أهم دراسة، اتخذت شكلا متميزا في تاريخ حركة الأهداف التربوية، وكان لها أثرها الواضح في تحديد المسار العلمي الموضوعي للأهداف التربوية، وتصنيفها، ومحاولة التحكم فيها علميا، هي ما قام به بلوم وزملاؤه من دراسات في هذا المجال، وما توصلوا إليه من نتائج. ذلك أنهم حاولا ربط الأهداف التربوية بمكونات الفرد البشري مثلما صنف سابقوهم سلوك البشر في ثلاث مجالات أساسية: الفكر، الانفعال، العمل. وهي أهم الوظائف التي يقوم بها الكائن البشري، والتي يتوجه الفعل التعليمي إلى إنمائها.
وتلتها أعمال ودراسات أخرى عديدة، تهدف إلى تخصيص الأهداف وإجراءاتها كالنتائج التي توصل إليها ماجر (1962)، والتي تؤكد ضرورة توفر ثلاثة عناصر أساسية في الهدف التربوي جيد الصياغة، وهي: تحديد السلوك المرغوب، تحديد الشروط التي يتحقق بها الهدف، تحديد المعايير ومستوى الأداء المقبول، على أن يكون هذا السلوك بمثابة الدليل على التغير الذي حدث في شخصية المتعلم نتيجة تعلم ما.
من خلال هذا العرض التاريخي لتطور حركة الأهداف، يستنتج بأن الأهداف التربوية تعكس فلسفة المجتمع وقيمه وثقافته وعاداته وتقاليده واتجاهاته في كل مجالات الحياة، فبعد ما كانت تتميز بالعمومية والتجريد الفلسفي صارت تتميز بالخصوصية والدقة نتيجة تطور الدراسات النفسية والتربوية التي تهتم بملاحظة السلوك وقياسه قياسا علميا.
كما أن هناك من يستعمل عبارة الأهداف العامة للتعبير عن الغايات، ومن يستعمل الأهداف الخاصة ليدل بها على الأهداف الإجرائية.
إن تحليل الأهداف التربوية يمر عبر مستويات مختلفة تتدرج من العام إلى الخاص، ومن المجرد إلى المحسوس، ومن التخمينات العقلية إلى الفعل السلوكي الذي يتجلى لدى المتعلم.
الغايات:
هي عبارات فلسفية عامة وواسعة، طموحة، تتسم بالتجريد والمثالية والتعقيد، بعيدة المدى غير محددة من حيث مدة تطبيقها.
إنها تمثل المستوى النظري الذي يضبط التوجهات الكبرى للنظام التربوي اعتمادا على فلسفة وقيم مجتمع ما.
يعرفها مادي لحسن: "عبارة عن صيغ يطبعها التجريد والعمومية تعبر عن المقاصد العامة والبعيدة المدى التي تريد التربية أن تحققها".
إنها نواتج مستقبلية متعلقة بالفرد والمجتمع، ترغب في تحقيقها سلطة سياسية قائمة، في ضوء مقومات فلسفية، دينية، أخلاقية لمجتمع ما، وعليه فهي تختلف من مجتمع لآخر باختلاف الأنظمة السياسية والتربوية السائدة.
وتمثل بذلك المجال الذي يتم فيه العمل التربوي مراعيا طبيعة الفرد والمجتمع الذي يطمح إليهما. وتزود المربين بالمرجعية والمسار القيمي وهذا ما جاءت به أمرية 16 أفريل 1976 التي ترسم الأبعاد المعبرة عن خصائص المواطن الجزائري.
المرامي-المقاصد:
وهي أقل عمومية وتجريدا وأكثر وضوحا وتحديدا من الغايات، لكنها لا تخلو من العمومية والتجريد، وترتبط بالنظام التربوي والتعليمي. وتظهر على مستوى التسيير التربوي، وهي تعبر عن نوايا المؤسسة التربوية ونظامها التعليمي، وتتجلى في أهداف البرامج والمواد التعليمية وأسلاك التعليم. وتعتبر المرامي وسيلة لتحقيق الغايات، كما أنها أكثر تعرضا للإصلاح والتغيير. وأنها تلك النوايا التي تعلن لآفاق أقصر أمد من الغايات وتبقى نوعية.
وبذلك فالمرامي أقل أمد من الغايات، وأنها عبارات مجزأة وتحليلية للغايات، وترتبط المرامي بالقرارات والمناشير السياسية والتربوية.
لمحة تاريخية عن تطور حركة الأهداف التربوية:
إن الأهداف التربوية كانت دائما موجودة عبر العصور، لارتباطها بالعمل التربوي ولو في أبسط صوره البدائية كتنشئة الآباء للأبناء من أجل إعدادهم للحياة وما تتطلبه من خصائص مهارية في شتى مجالات البيئة ومعطياتها في كل زمن. ولعل نظرة بسيطة لتطور النظريات التربوية والفكر التربوي عموما كافية لملاحظة تطور وتنوع أهداف التربية، فنظرة الفلاسفة اليونان مثلا لملامح شخصية الرجل المراد تكوينه، محاربا كان، أو فيلسوفا حكيما، وهدف التربية المسيحية لتكوين الراهب المتعبد، وغيرها من الأفكار التربوية. كل ذلك لم يكن وليد زمن محدد بل يمتد امتداد تاريخ الإنسان. غير أن الدراسة العلمية للأهداف، ظهرت في وقت متأخر نسبيا. وخضعت لتطور كان نتيجة تراكم دراسات ومحاولات عديدة، قام بها علماء كثيرون.
لقد تميزت الأهداف التربوية بصفة عامة قبل الحرب العالمية الأولى بالعمومية والتجريد، إلى أن ظهرت الاتجاهات الأولى في التفكير لما يجري داخل القسم مع أعمال بوبيت سنة 1918، الذي اهتم بوضع منهج أكثر توافقا مع الوقت وكيفية استخدام الطرق الجديدة، وهو يقول بخصوص الأهداف:
"طالما أن الأهداف لا تخرج أن تكون تخمينات غامضة، فيجب أن نتوقع أن تكون الطرق والوسائل غامضة أيضا، ولكن عصر الرضا الكامل بالعمليات غير المحددة يمر بسرعة وعصر العلم يطلب الدقة والتحديد".
وكان الهدف عنده هو رسم منهج مدرسي، ثم رأى أنه من الضروري تحديد الأهداف لكل منهج تحديدا أدائيا واضحا.
وتعتبر أعملا رالف تايلور(1929) أول خطوة هامة في حركة الأهداف التربوية وتصنيفها، فقد وضحها في عبارات سلوكية. وتأثر الكثير من المفكرين بهذه الأفكار التربوية، واعتبروا الأهداف أساسا لكل منهج مدرسي أثناء بنائه والتخطيط لتنفيذه. وهذا يعني أنه أثناء التخطيط للتدريس ينبغي تحديد الأهداف أولا، ثم وضع المادة التعليمية، فوضع الخطة، فتحديد الوسائل، فالتنفيذ، ثم التقويم. ولعل أهم دراسة، اتخذت شكلا متميزا في تاريخ حركة الأهداف التربوية، وكان لها أثرها الواضح في تحديد المسار العلمي الموضوعي للأهداف التربوية، وتصنيفها، ومحاولة التحكم فيها علميا، هي ما قام به بلوم وزملاؤه من دراسات في هذا المجال، وما توصلوا إليه من نتائج. ذلك أنهم حاولا ربط الأهداف التربوية بمكونات الفرد البشري مثلما صنف سابقوهم سلوك البشر في ثلاث مجالات أساسية: الفكر، الانفعال، العمل. وهي أهم الوظائف التي يقوم بها الكائن البشري، والتي يتوجه الفعل التعليمي إلى إنمائها.
وتلتها أعمال ودراسات أخرى عديدة، تهدف إلى تخصيص الأهداف وإجراءاتها كالنتائج التي توصل إليها ماجر (1962)، والتي تؤكد ضرورة توفر ثلاثة عناصر أساسية في الهدف التربوي جيد الصياغة، وهي: تحديد السلوك المرغوب، تحديد الشروط التي يتحقق بها الهدف، تحديد المعايير ومستوى الأداء المقبول، على أن يكون هذا السلوك بمثابة الدليل على التغير الذي حدث في شخصية المتعلم نتيجة تعلم ما.
من خلال هذا العرض التاريخي لتطور حركة الأهداف، يستنتج بأن الأهداف التربوية تعكس فلسفة المجتمع وقيمه وثقافته وعاداته وتقاليده واتجاهاته في كل مجالات الحياة، فبعد ما كانت تتميز بالعمومية والتجريد الفلسفي صارت تتميز بالخصوصية والدقة نتيجة تطور الدراسات النفسية والتربوية التي تهتم بملاحظة السلوك وقياسه قياسا علميا.
كما أن هناك من يستعمل عبارة الأهداف العامة للتعبير عن الغايات، ومن يستعمل الأهداف الخاصة ليدل بها على الأهداف الإجرائية.
إن تحليل الأهداف التربوية يمر عبر مستويات مختلفة تتدرج من العام إلى الخاص، ومن المجرد إلى المحسوس، ومن التخمينات العقلية إلى الفعل السلوكي الذي يتجلى لدى المتعلم.
الغايات:
هي عبارات فلسفية عامة وواسعة، طموحة، تتسم بالتجريد والمثالية والتعقيد، بعيدة المدى غير محددة من حيث مدة تطبيقها.
إنها تمثل المستوى النظري الذي يضبط التوجهات الكبرى للنظام التربوي اعتمادا على فلسفة وقيم مجتمع ما.
يعرفها مادي لحسن: "عبارة عن صيغ يطبعها التجريد والعمومية تعبر عن المقاصد العامة والبعيدة المدى التي تريد التربية أن تحققها".
إنها نواتج مستقبلية متعلقة بالفرد والمجتمع، ترغب في تحقيقها سلطة سياسية قائمة، في ضوء مقومات فلسفية، دينية، أخلاقية لمجتمع ما، وعليه فهي تختلف من مجتمع لآخر باختلاف الأنظمة السياسية والتربوية السائدة.
وتمثل بذلك المجال الذي يتم فيه العمل التربوي مراعيا طبيعة الفرد والمجتمع الذي يطمح إليهما. وتزود المربين بالمرجعية والمسار القيمي وهذا ما جاءت به أمرية 16 أفريل 1976 التي ترسم الأبعاد المعبرة عن خصائص المواطن الجزائري.
المرامي-المقاصد:
وهي أقل عمومية وتجريدا وأكثر وضوحا وتحديدا من الغايات، لكنها لا تخلو من العمومية والتجريد، وترتبط بالنظام التربوي والتعليمي. وتظهر على مستوى التسيير التربوي، وهي تعبر عن نوايا المؤسسة التربوية ونظامها التعليمي، وتتجلى في أهداف البرامج والمواد التعليمية وأسلاك التعليم. وتعتبر المرامي وسيلة لتحقيق الغايات، كما أنها أكثر تعرضا للإصلاح والتغيير. وأنها تلك النوايا التي تعلن لآفاق أقصر أمد من الغايات وتبقى نوعية.
وبذلك فالمرامي أقل أمد من الغايات، وأنها عبارات مجزأة وتحليلية للغايات، وترتبط المرامي بالقرارات والمناشير السياسية والتربوية.